أبــــرص وأقــــرع وأعــــمـــى ...!
عـن أبـي هـريـرة رضـي الله عــنـه أنـه سـمـع الـنـبـي صـلـى الله عــلـيـه وسـلـم يـقـول: إن ثـلاثـة فـي بـنـي إسـرائـيـل (أبــرص وأقــرع وأعــمـى) أراد الله أن يـبـتـلـيـهـم (يـخـتـبـرهــم) فـبــعــث إلـيـهـم مـلـكــاً.
(يـأتـي الـمـلـك الـرجـل الأبــرص):
الـمـلـك: أي شـئ أحـب إلـيـك؟
الأبــرص: لــون حـسـن ، وجـلـد حـسـن ، ويـذهــب عــن الـذي قــد قــذرنـي الـنـاس. (يـمـسـحـه الـمـلـك ، فـيـذهــب عــنـه قــذره ، ويـعـطـي لـونـاً حـسـنـاً ، وجـلـداً حـسـنـاً).
الـمـلـك: فـأي الـمـال أحـب إلـيـك؟
الأبــرص: الإبــل.
( يـعـطـي نـاقـة عــشـراء ( حــامــلاً).
الـمـلـك: بـارك الله لـك فـيـهـا.
(يـأتـي الـمـلـك الـرجـل الأقــرع):
الـمـلـك: أي شـئ أحـب إلـيـك؟
الأقــرع: شـعـر حـسـن ويـذهــب عـن الـذي قــذرنـي الـنـاس.
(يـمـسـحـه الـمـلـك فـيـذهــب عـنـه داؤه ويـعـطـي شـعــراً حـسـنـاً).
الـمـلـك: فـأي الـمـال أحـب إلـيـك؟
الأقــرع: الـبـقـر.
(يـعـطـى بـقـرة حــامــلاً).
الـمـلـك: بـارك الله لـك فـيـهـا.
(يـأتـي الـمـلـك الـرجـل الأعــمـى):
الـمـلـك: أي شـئ أحـب إلـيـك؟
الأعــمـى: أن يــرد الله إلـى بـصــري ، فـأبـصـر بـه الـنـاس.
(يـمـسـحـه الـمـلـك ، فـيـرد الله إلـيـه بـصـره).
الـمـلـك: فـأي الـمـال أحـب إلـيـك.
الأعــمـى: الـغـنـم.
(يـعـطـى شــاة والــداً حــامـــلاً).
كـان لـهـذا وادٍ مـن الإبــل ، ولـهـذا وادٍ مــن الـبـقـر ، ولـهـذا وادٍ مــن الـغـنـم ....!
(يـأتـي الـمـلـك الـرجـل الأبــرص فـي صــورة أبــرص):
الـمـلـك: رجـل مـسـكـيـن قـد انـقـطـعـت بـي الـحـبـال فـي سـفـري ، فــلا بــلاغ لـي الـيـوم إلا بـالله ثـم بـك ، أسـألـك بـالـذي أعــطـاك الـلـون الـحـسـن والـجـلـد الـحـسـن والـمـال بـعـيـراً أتـبـلـغ عــلـيـه فـي سـفـري (أصـل بـه إلـى أهــلـي).
الأبــرص (فـي ضـيـق): الـحـقـوق كـثـيـرة.
الـمـلـك (فـي اسـتـغــراب): كـأنـي أعــرفــك ، ألـم تـكـن أبــرص يـقـذرك الـنـاس.
فـقـيـراً فـأعــطـاك الله.
الأبــرص (فـي إنـكـار): إنـمـا ورثـت هــذا الـمـال كـابـر عــن كـابـر. (أبـاً عــن جــد).
الـمـلـك: إن كـنـت كـاذبــاً فـصـيـرك الله إلـى مـا كـنـت.
(ثـم يـأتـي الـمـلـك الـرجـل الأقــرع فـي صــورة أقــرع):
الـمـلـك: رجـل مـسـكـيـن قـد انـقـطـعـت بـي الـحـبـار فـي سـفـري ، فـلا بـلاغ لـي الـيـوم إلا بـالله ثـم بـك ، أسـألـك بـالـذي أعــطـاك الـشـعــر الـحـسـن والـمـنـظـر الـحـسـن والـمـال ، بـقـرة أتـبـلـغ بـهـا فـي سـفـري.
الأقــرع (فـي ضـجـر): الـحـقـوق كـثـيـرة.
الـمـلـك (مـتـعــجـبـاً): كـأنـي أعــرفــك ، ألـم تـكـن أقــرع يـقـذرك الـنـاس؟
الأقــرع (فـي اسـتـكـبـار): إنـمـا ورثـت هــذا الـمـال كـابـراً عــن كـابـر (أبـاً عــن جـد).
الـمـلـك: إن كـنـت كـاذبـاً فـصـيـرك الله إلـى مـا كـنـت.
(ثـم يـأتـي الـمـلـك الـرجـل الأعــمـى فـي صــورة أعــمـى):
الـمـلـك: رجـل مـسـكـيـن وابـن سـبـيـل انـقـطـعــت بـي الـحـبـار فـي سـفـري فـلا بـلاغ لـي الـيـوم إلا بـالله ثـم بـك ، أسـألـك بـالـذي رد عــلـيـك بـصـرك ـ شــاة أتـبـلـغ بـهـا فـي سـفـري.
الأعــمـى (شـاكـراً مـعـتـرفـاً): قــد كـنـت أعــمـى فــرد الله إلـىّ بـصــري ، فـخـذ مـا شـئـت ودع مـا شـئـت ، فــوالله لا أجـهـدك الـيـوم (لا أعــارضـك) بـشـئ أخـذتـه لله عــز وجــل.
الـمـلـك: أمـسـك مـالـك ، فـإنـمـا أبـتـلـيـتـم (اخـتـبـرتـم) فـقـد رضـي الله عــنـك ، وسـخــط عــلـى صـاحـبـيـك.
مــن عــبـرة الـقـصـة وفـوائـدهــا:
1- اخـتـبـار الله لـعــبـاده ، سـنـة الله فـي أرضـه ، كـمـا أخـبـر الله بـه فـي كـتـابـه.
2- الابـتــلاء يـكـون فـي الـجـسـم والـمـال والأولاد وغــيـرهــا.
3- الـمـلائـكـة تـتـصـور أحـيـانـاً عــلـى هـيـئـة الـبـشـر ، وتـتـكـلـم ، وتـمـسـح عــلـى الـمـريـض فـيـبـرأ بـإذن الله.
4- لا شـئ أحـب لـلـمـبـتـلـى بـالـمـرض مــن ذهــاب مـرضـه ومـعـافـاتـه.
5- الله هــو الـذي يـعـطـي ويـمـنـع ، ويـغـنـي ويـفـقـر ، بـتـقـديـره وحـكـمـتـه.
6- مــن الـتـوحـيـد والأدب أن تـنـسـب الـشـفـاء والـغـنـى إلـى الله وحــده (قــد كـنـت أعــمـى فــرد الله بـصـري).
7- الإنـسـان الـجـاهــل يـبـخـل وقـت الـغـنـى ، والـعـاقـل يـعـطـى بـسـخـاء مـتـذكــراً قـول الـنـبـي صـلـى الله عــلـيـه وسـلـم (مـا مــن يــوم يـصـبـح الـعـبـاد فـيـه إلا مـلـكـان يـنــزلان ، فـيـقـول أحـدهـمـا: الـلـهـم أعــط مـنـفـقـاً خـلـفـاً ، ويـقـول الآخـر: الـلـهـم أعــط مـمـسـكـاً تـلـفـاً.
8- بـعـض الأغــنـيـاء يـنـسـون مـاضـيـهـم الـفـقـيـر ويـغـضـبـون مـمـن يـذكـرهــم بـه.
9- مــن شـكـر الـنـعـمـة ، وأعــطـى الـفـقـراء زاده الله غــنـى ، وبــارك لـه ، ومـن بـخـل فـقـد عــرض نـفـسـه لــزوال الـنـعـمـة وسـخــط الــرب الـقـائـل: (لـَئِـنْ شَـكَـرْتُـمْ لأَزِيـدَنَّـكُـمْ وَلَـئِـنْ كَـفَـرْتُـمْ إِنَّ عَــذَابِـي لَـشـَدِيــدٌ).
10- إنـكـار الـنـعـمـة يـجـلـب الـنـقـمـة ، ويـسـبـب الـشـقـاء.
11- الـكـرم يـجـلـب الـنـعـمـة ويـذهـب بـالـنـقـمـة ، ويـرضـي الــرب ، والـبـخـل يـجـلـب الـسـوء ويـسـخــط الــرب.
12- الـمـؤمـن يـفـي بـمـا وعــد ولا يـبـخـل ، والـمـنـافـق يـعـاهــد ويـعــد ، ولـكـن لا يـفـي بـعـهـده ووعــده ، كـمـا قـال الله تـعـالـى عــن الـمـنـافـقـيـن: (وَمِـنْـهُـمْ مَـنْ عَــاهَــدَ اللَّهَ لَـئِـنْ آتَـانَـا مِـنْ فَـضْـلـِهِ لَـنَـصَّـدَّقَــنَّ وَلَـنَـكُـونَـنَّ مِــنَ الـصـَّالِـحـِيـنَ) ، وقــال رســول الله صــلـى الله عــلـيـه وسـلـم: (آيـة الـمـنـافـق ثــلاث: إذا حــدث كــذب ، وإذا وعــد أخـلـف ، وإذا أئـتـمـن خــان).
مــوقـــع زاد الـــعـــِـبــَـاد