خير الجيران جاري فلا شك أن حفظ الجار وكسب وده، من مكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام ورغب فيها،
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره "
(رواه أحمد والترمذي).
وهناك وسائل كثيرة وطرق متعددة يستطيع بها المسلم
كسب قلب جاره،
والتمتع بصفو محبته وكريم مودته.
وما نراه اليوم من جفوة بين الجيران،
وخصومات، وسوء عشرة، وعداوة في بعض الأحيان،
ما هو إلا نتاج الإهمال والتفريط في هذه الوسائل والطرق الشرعية التي تحفظ دفء العلاقات بين الجيران، وتنميها على أساس من المحبة والمودة والاحترام المتبادل،
ومن أهم تلك الوسائل ما يلي:
كف الأذى وبذل الندى:وهذا واجب،
وأذى الجيران محرم، بل هو من كبائر الذنوب،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره "
(متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم:
" والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن " قالوا: من يا رسول الله ؟ قال: " من لا يأمن جاره من بوائقه "
(رواه البخاري).
وفي لفظ مسلم: " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه "
وانظر إلى ربط النبي صلى الله عليه وسلم بين ترك إيذاء الجار بالإيمان وعدمه،
مما يدل على خطورة إيذاء الجار والتسبب في إزعاجه وضرره،
فأبسط وسائل الوصول إلى قلب الجار هو عدم إيذائه.
وصور إيذاء الجار كثيرة منها:
حسده وتمني زوال نعمته.
احتقاره والسخرية منه.
هتك أستاره وإشاعة أخباره بين الناس.
الكذب عليه وتنفير الناس منه.
تتبع عثراته والفرح بزلاته.
مضايقته والتعدي على حقوقه،
مثل أن يترك سيارته أمام بابه،
أو يترك أكياس القمامة بجوار داره،
أو يترك الماء النجس يتسرب عليه،
أو يفتح كوة في بيته تكشف بيت جاره،
أو يترك أولاده يحدثون الجلبة والصراخ وقت نوم جاره وراحته،
أو يرفع أصوت أجهزة الملاهي بالموسيقى والغناء،
أو يترك أبناءه يؤذون أبناء جاره ويضربونهم دون أن يحرك ساكنا، وغير ذلك من صور المضايقة والإيذاء.
أما بذل الندى فهو الكرم والجود، والكرم ليس ما يظنه بعض الناس أنه بذل المال فقط، بل الكرم يكون في بذل النفس، وفي بذل الجاه، وفي بذل المال، وفي بذل العلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره " (متفق عليه)
، وعند مسلم: " فليحسن إلى جاره "
ومن إكرام الجار والإحسان إليه:
إتحافه بالهدايا، ولو كانت يسيرة القيمة،
لما روته عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله ! إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال: " إلى أقربهما منك بابا (رواه البخاري).
ومن إكرامه: معاونته عند الحاجة،
وكفايته إذا احتاج،
والسؤال عن حاله،
والتلطف معه ومع أولاده،
فكل ذلك مما نؤلف به قلوب الجيران فنفوز محبتهم ومودتهم.
البدء بالسلام
والبدء بالسلام من علامات التواضع وخفض الجناح للمؤمنين،
قال تعالى: " واخفض جناحك للمؤمنين "(الحجر - ثمانية وثمانيون )وإفشاء السلام يزرع المحبة في القلوب،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم "
قال ابن حبان:
الواجب على العاقل أن يلزم إفشاء السلام على العام،
، والسلام مما يذهب إفشاؤه بالمكتن من الشحناء،
وما في الخلد من البغضاء، ويقطع الهجران، ويصافي الإخوان.
والبادئ بالسلام بين حسنيين:
إحداهما: تفضيل الله جل وعلا إياه على المسلّم عليه بفضل درجة، لتذكيره إياه بالسلام.
والثانية رد الملائكة عليه عند غفلتهم عن الرد.
وإفشاء السلام سنة مؤكدة،
وهو حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم
، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه" (رواه مسلم).
وأبخل الناس هو من بخل بالسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبخل الناس من بخل بالسلام " (رواه ابن حبان وصححه الألباني).
وإفشاء السلام كذلك من أسباب دخول الجنة،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس ! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام (رواه الترمذي وصححه الألباني).
فيا أخي الحبيب !
ابذل سلامك للجار، تزرع محبتك في قلبه ..
لا تبخل بالسلام فيصفك الناس بالكبر والغرور.
. أخي !
جد لنا بالسلام إن لم تزرنا ******* إن بذل السلام نصف الزيارة
واكتب الحب بالدموع ليبقى ******* للمحبين شامة وإشارة
و دمتم فى حفظ الرحمن و رعايته