الإسلام دين القوة ودين الحياة
الإسْلامُ دينُ القوة، يَدعو المُؤمنين إِلى الأخذ بأسبابها، ويَرسُم لهم الطريق التي تُوصلُهم إليها.
ولهذا قال ًصلى الله عليه وسلم "المُؤمِن القوي خَيرٌ وأحبُّ إِلى اللهِ من المُؤمنِ الضعيف، وفي كل خَير. احْرِص على ما يَنفعُك، وَاسْتَعِن بالله، ولا تَعجِز، وإِن أصَابك شيء فلا تَقل: "لو أني فَعلتُ كذا كان كذا" ولكنْ قل: "قدرَ الله، وما شَاء فَعل"، فإنَّ (لو) تَفتحُ عَمَلَ الشيطان."
وفي هذا الحديثِ يُقررُ رسولُنا صلى الله عليه وسلم أن المؤمنَ القوي أفضلُ من المؤمن الضعيف وأَحب إِلى الله، وأن في كليهما بعضَ الخَير بوَصفِه مُؤمنا، وتَتجلى قوةُ المؤمن في الحِرص على كل نافع، وَالاسْتِمداد من قُوةِ الله التي لا يُعجِزها شيء، والمُثابرةِ على الكفاح دون اسْتِسلام ولا ضَعف، والصبر عند وُقوع المُصاب دونَ اسْتِرسالِ مع الأوهام، ولا خُضوعِ لوَساوِس الشيطان.
والإسلامُ يطالب المؤمنَ بأن يكون يَقِظا للفُرَصِ يَنْتهِزُها، ويَستفيدُ منها، وكل ما يَنفع المؤمنَ في هذه الحياةِ وفي الحياة الأخرى، مَفروضٌ على المؤمن أن يَحرِصَ عليه، ويَعملَ للظَّفَرِ به، فالمالُ يجب أَن يَسعىَ المؤمنُ لكَسبه من حَلال، والجاهُ يَجب أَن يَبذُل المؤمنُ في سبيله ما يَستطيعُ من جهد، والعلومُ التي تُسهِم بنصيبِ في تَقدمُّ العالم، وتُهيئ وسائلَ الحياة الكريمة للناس - كالطب والهندسة والتربية- يجب ألا يَدخِرَ المؤمنونُ وُسعا في تَعلمها واسْتِخدامِها، والأخلاقُ الكريمةُ التي تُكتَسبُ بالمحاولةِ وضَبط النفس والصبرِ يجب أن يَنالَ المؤمنونَ أوفرَ نصيبٍ منها، أما الدين وعلومُه، فمِن البَدهي أَن يشتدَّ حِرصُ المؤمن على التزود بها للحياة الأخرى، وأَن يعمل بقوةٍ على، الإفادة منها في هذه الحياة، إذ هي التي تُهذبُ النفس، وتوقظ الهمة، وتَشحَذُ الضمير.
والإسلامُ يَحُث المؤمنَ على العمل بحيث لا يَشغله عن اللُه، بل هو أجدرُ أَن يَشغَله بربه، لأنه سَيكشِفُ كلما أوْغَل في العمل أَن قدرتَه الإنسانيةَ محدودة، وأن طاقَتَه تَقصُرُ كثيرا عن آمالِه، وإذًا فلا بدَّ له من توفيقِ اللُه، وعَونه، يأخذ بيَدِه، ويُسدد طريقه، ويَمنحُه الصبر على المثابرة، ليَصِل إِلى ما يُريد تحقيقَه من آمالٍ بعمله وكَدِّه، فلا تَحول بينه وبينها العوائقُ والعَقبات، وما أكثرَها!.
والإسلامُ يَمقُتُ الكَسل، ويحاربُ التَّواكُل، ويَربَأ بالمؤمن أن يكونَ ضعيفا فيُستَذَلّ، أو كسلاح فيَفتَقِرُ إِلى غيره، أو مُتقاعِدا فيَتَخَلف، مع أَنه هو الذي يَجب أَن يَسبِق. وأَن يَستغنِيَ، وأن يَعِز.
والإسلامُ يُغلِق بابَ الأوهامِ والأماني الباطلة، لأن المؤمن يًنبغي أن يَعيشَ لغَدِه لا لأمسِه، وأَن يَكونَ عَمَلِيا واقعيا، لا حالِما ولا مَخدوعا... وإِذا كان كل إِنسان في هذه الحياةِ عُرضة للإخفاق أحيانا، وهَدفا لأحداثِ الأيام أَحيانا أخَر فلْيَستقبِلْ ما يَعترِضُ طريقه بروحِ المؤمن الحق، يَعلم أنه قَدَرُ اللهِ ومَشِيئتهُ، وأن وُقوعه لم يَكُنْ بد منه، ويُعاودُ العَمل والكِفاح، واثقا من الوصولِ إِلى هَدفه.