دعوة إلى الاتحاد والترابط والتعاون
قال تعالى: {وَاعْتصِموا([1]) بحَبلِ([2]) الله جَميعاَ ولا تَفرقوا واذكُروا نِعمةَ اللهِ عَليكم إذ كُنتم أعداء فَألف بَين قُلوبِكم فأصبحتم بنِعمتِه إِخواناً، وكُنتُم على شَفَا حُفرة([3]) من النارِ فأنْقَذكُم منها، كذلك يُبَيِّنُ اللهُ لكم آًياتهِ لعلكم تَهتدون. ولتَكُن منكم أمةٌ([4]) يَدعُون إِلى الخَيرِ ويَأمرون بالمَعروفِ([5]) ويَنهوْنَ عن المُنكرِ وأولئك هُمُ المُفلحون ولا تَكونُوا كالذين تَفرقوا وَاخْتَلَفُوا من بَعدِ ما جَاءهُمْ البَينات وأولئك لهـم عَذاب عظيم.} ([*])
****
وقال عليه السلام([6]): "مَثلُ المؤمِنين في تَوادِّهم وتَراحُمِهم وتَعاطُفِهم، كَمَثل الجَسدِ إِذا اشْتَكَى مِنهُ عُضو تَداعَى له سائرُ الجَسَدِ بالسَّهرِ والحُمَّى".
وقال عليه السلام([7]): "مَن نَفَّسَ([8]) عن مؤمِنٍ كُربةً([9]) مِن كُرَب الدًّنيا نَفَّس اللُّهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يَومِ القيامة، ومَن يَسر على مُعسِرٍ يَسَّر اللهُ عليه في الدًّنيا والآخِرة، ومن سَتَرَ مُسلماً سَتَره اللهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَوْنِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عوْنِ أَخِيه".
شَبَّهت هذه الآياتُ الدِّينَ الذي يَجمعُ بين المؤمنين، بالحَبلِ الذي يَجمعُ الأشياء بَعضَها إِلى بَعض.
ولقد صَورت الآَياتُ تصويرا رائعاً ما كانوا عليه من ضلال، والمَصيرَ المُفزع الذي كانوا سَيَنتهُون إِليه لو اسْتمرُّوا في كُفرِهم، فقالت: وكُنتم على شَفَا حُفرةٍ من النار.
والآياتُ تدلُ على حَاجةِ الناس دائماً لمن يُرشدُهم ويُوجِّههم حتى لا يَضِلوا ويَنحرفوا. وصَدق الله إذ يقول: {وذَكِّر فإن الذّكرَى تَنفعُ المؤمنين}.
والآَياتُ تبينُ لنا طَريقَ الحياةِ القوية العزيزة التي حَققها العربُ السابقون بالوحدةِ والترابط، ولن يُحقِّقها العربُ اليَوم إِلا إِذا تَناسَوْا أشخاصهم، ووَحـدوا كَلِمتَهم، وَمًضوا إلى غايتِهم صَفا واحدا، وإِنهـم لفاعلون بإذنِ اللُه.
من سورة "آل عمران" الآيات (103 - 105) ([*])
اعتصموا: تمسكوا. ([1])
بحبل الله جميعا: بدين الله. ([2])
شفا حفرة: جانب حفرة - أي لو استمررتم في كفركم لوقعتم في نار جهنم. ([3])
أمة: جماعة. ([4])
المعروف: الخير الذي يعرفه العقل ويقره، وضده المنكر. ([5])
أخرجه البخاري ومسلم. ([6])
من حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه. ([7])
نفس فرّج وأزال. ([8])
كربة: ضيقا. ([9])